لاتزال مشاهد جميلة عشتها في طفولتي وبعضها عشتها في عمر اكبر راسخة في الوجدان ومنها عايشته مع أسرة آل الرشيد الكرام وأنسباهم بورسلي في منطقة الشامية حيث كانت تربط امي يرحمها الله بعائلتهم علاقة خاصة ومودة متبادلة.
وفي
احدى زيارتنا لهم لاحظت اهتمام السيدة الفاضلة / ام فهد بنت العم صالح الرشيد وهو
اخو المؤرخ عبد العزيز الرشيد .. تهتم جدا بعاملة منزلية عجوز اسمها " ماريا " وهي اقدم عاملة
منزلية لديهم وغير مسلمة.
وكان
فهد بورسلي يرحمه الله ابن السيدة الفاضلة فوزية الرشيد كشقيق لي هو واخوانه حفظهم الله .. وكنت حين
أزورهم صغيراً أراهم يفهمون لغتها حين
تتحدث بلغتها الهندية وسط اندهاشي الشديد !
المهم
هذه العاملة العجوز كبرت لديهم ووصلت درجة الشيخوخة ورأيت بأم عيني خالتي ام فهد - وهي في مقام امي - تقوم
بتدليك رجليها ودهنها بكريم لآلام الشيخوخة !
ولما
كبرت قليلاً ! سألتها : أمي العزيزة ليش كنت تخدمينها ؟ وهي تعمل في خدمتكم ؟ وليش
ما تروح حق عايلتها بالهند لترتاح ؟
فقالت
يابني قد علمت أنها ساعدتني في تربية العيال وقامت بخدمتنا بكل اخلاص ! فلم نحب
ان نعيدها لبلدها دون رغبة منها وأبقيناها معنا براتب كامل دون تكليفها باي عمل !
بل ونعتني بها وبصحتها وهذا اقل واجبات
الوفاء تجاهها .. وتركنا لها الخيار ان شاءت بقيت وان شاءت رحلت... وعندما فضلت
البقاء طلبت احد ابناءها واحضرناه لها ليعمل لدينا .
ولو
أردت الحديث عن عائلة بورسلي والرشيد والمضاحكة حفظهم الله ومارأيته منهم لما أسعفتنا
السطور لكن حسبك من السوار ما أحاط بالمعصم - ورحم الله من توفي منهم .
اما المشهد الآخر ..
فهو
لطبيبة عربية قضت عمرها في احد اقدم مستشفيات الحكومة وهي تقدم خدماتها للبلد ومع
تقدم العمر اصيبت بالزهايمر واصبحت عاجزة عن العمل ولم يكن لها أحد يرعاها ويعتني
بها في بلدها لاسيما في ظل تردي حالتها حيث لم يستطيعوا توفير الخدمة المناسبة
لحالتها ..
هل
تعلم عزيز القارئ ... ماذا فعل المسئولون الكويتيون الذي تشربوا قيم الاسلام
والوفاء والانسانية تواصوا مع إدارة المسنين وقاموا بإيداعها في رعايتهم حيث
الخدمة الطبية والنفسية والاجتماعية مجاناً ... !!
وفي كل عيد يحضر للمسنين قيادات الوزارة لإدخال السرور للنزلاء ناهيكم عن الانشطة والخدمات طوال العام .
اذكر
هذين المشهدين الانسانيين الرائعيين ليعرف
الناس وفاء أهل الكويت وطيب معدنهم وكيف تربوا وكيف كانوا يربون أبناءهم !
لذلك
فإن قرار عدم تجديد الاقامة لمن وصل ال 60 عاما و أفنى عمره بالكويت واحبها وعشقها
حتى اوصى ان يدفن فيها ! قرار ليس فيه
أصالة أهل الكويت ولا يوافق القيم الاخلاقية والشرعية والانسانية ولا القواعد
العقلانية وعلى المسئولين الغاءه او تعديله ليكون اكثر رحمة وانسانية .
قال
الله تعالى : " هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق