الأحد، 2 أغسطس 2020

كفكف دموعك ياسعود والملتقى الجنة ...





لي صديق قصتي معه اغرب من الخيال فهو زميلي في الدراسة منذ ان كنت في الروضة نلتقي ثم ننفصل حسب المدارس!

الغريب انني لم اكن على علاقة قوية معه اثناء المرحلة الدراسية فقد كان هادي الطباع راقي التعامل مهذب يتجنب الشغب والمشاكل وكنت عكسه الا انني كنت ملتزما بالاخلاق .

وبعد الدراسة دخلنا الجامعة والتقينا عدة مرات ولم يتغير بيننا شي !  لكن  في احد الايام حدث بيننا اتصال في لحظة فارقة من حياتي ... وتغير بعدها كل شي !

اصبح سعود اخي الذي ابث لهم شجوني وصديقي الذي اسامره ويطرب قلبي  في حديثي معه بل ومستشاري الامين في ادق تفاصيل حياتي ...

لكن امراً طرأ في مسيرة علاقتنا وهو اننا تبادلنا الادوار  اجتماعيا ! فبعد ان كنت نجم المدرسة الذي يجذب له الطلاب والاساتذة ويحاول العديدين من الشباب الانضمام لدائرة اصدقائي !

اصبح سعود نجم المجتمع والجاذب لكل من يتعرف عليه فهو يحمل جمال المظهر والجوهر وحسن الشمائل وراقي الاخلاق ومن الصعب ان تعرفه فلا تتمنى ان تكون احد أصدقائه .

لكن بحمد الله رغم ذلك .. كان لي عنده مكانه واستطعت ان اقترب منه اكثر فتعرفت على سيدة فاضلة مدرسة في العطاء ونموذج في التربية الحازمة هي امه يرحمها الله ..والتي لم اجد أماً تحب ابناً وابناً يحب أمه كما سعود ...

وكم سعدت حينما استطعت أخيرا ان أنال رضاها حينما زرتها مع اولى بناتي فاطمة ...وقد سرت بها كثيرا ...


وشعرت أنا حينها انها كان هدية من السماء جعلت خالتي ام  سعود ترضى علي  وتتقبلني رغم ازعاجي المتكرر في الاتصال على سعود او الخروج معه للمسامرة . 

وماهي الا سنوات وجاءت ساعة الحق وتعرض اخي وحبيبي سعود لأول صدمة قوية تتزلزل لها القلوب وتنهمر لها الدموع


 حيث رحلت امه من الدنيا ولكنها لم ترحل بحبها وذكرياتها من قلبه 
وانا شاهد على ذلك ماحييت ... 


وتمر  السنون وتتوالى ويصاب اخي اليوم بمصاب مفاجيء!!


 لم يتوقعه احد منا كأصدقاء مقربين ...

 فوالده كان قد تعرض لمرض شديد لكن بحمد الله علمنا أنه تعافى وتبادلنا التهاني 
ولكنه القدر ولكل أجل كتاب ... 

علمنا اليوم انه قد توفي رحمه الله .. وأسكنه وزوجته الفردوس الاعلى 

ولما كنا نعرف العم بوسعود ونعرف قلبه الطيب ونعرف تضحياته 

ونعرف أنه الزوج الصالح والاب الحاني الذي استطاع ان يدير الاسرة 
مع زوجته... بالطيبة والاخلاق والنوايا الحسنة  ... 
 ونعرف أن سعود لازال قلبه ينزف من فراقه عن محبوبته ...
رجفت قلوبنا خوفاً  عليه ...

وفي ظل أزمة كورنا صرنا في حيرة من امرنا ... ماذا نفعل ؟ 
كيف نواسيه؟ كيف سنذهب للمقبرة ؟ 

وهل سيمنعونا من الدخول لأننا لسنا اقاربه ! رغم ان واقع الحال اننا اخوانه وهو روحنا التي تجري في الجسد وأمه ...أمنا ...وجرحه جرحنا .

وعزمت امري واخذت ولدي عبد الرحمن - وفقه الله -  وذهبنا للمقبرة


والحمد لله كانت جنازة عامرة بالعدد وبحضور الصالحين

 كيف لا وأخونا ...
 له محبة وعلاقة وشيجة مع الكثير من الصالحين داخل وخارج الكويت 
بحمد الله ومنته وبفضل تربية والديه الكريمين رحمها الله ...

 ادركنا دفن الجثمان الطاهر ووقعت اعيننا على سعود وكنا في حالة قلق ..وعندما التقت العينان وجدنا دموع الحزن ممزوجة بالصبر والرضا والتسليم لقضاء  الله
 فإنا لله وإنا إليه راجعون ...

وبعد ان قام الجميع بواجب الدفن والعزاء سرنا مع اخي سعود وكل منا يريد ان يعانقه طويلا .. وكل منا يريد ان يحظى بصحبته ليخفف عنه ويقف معه ..

ونحن في الطريق الى السيارة التي ستقله الى  البيت تحدث أحد الصالحين من رفقائه معزياً اياه مواسيا له بقوله :


ان الوالد قد ترك شابا صالحا هو انت ونرجو  ان تكون في ميزان حسناته .

ووجدتني أقول لأخي ونحن نرافقه مع محبيه :

لا تحزن .. فالفراق في الدنيا والملتقى الجنة


نعم  ايها الغالي ..نعم ايها الرفيق الحبيب ...

نعم يا ســــعود ...

إنا لنرجو ربنا الرحمن ونحسن الظن بالكريم المنان

انه يجمعنا بفضله وكرمه مع نحب في الجنة واننا يا غالي في هذه الدنيا  نقف في محطة مؤقتة والموت بالنسبة إلينا بداية الحياة وليس نهايتها ...

قال تعالي :

"أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ "

فأبشر يا اخي ...

وكفكف دموعك والملتقى  الجنة...


اللهم آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق